على الرغم من انحسار الاهتمام بأحداث مصر على صفحات الصحف البريطانية مقارنة مع الأيام الماضية، فإن الموضوع وتداعياته لا يزال يثير تعليقات كتاب الرأي.
يقول مبعوث الإندبندنت إلى القاهرة روبرت فيسك إن تصريحات المبعوث الأمريكي إلى مصر فرانك ويزنر التي قال فيها إن بقاء الرئيس المصري حسني مبارك صمام للأمان في المنطقة، لم تكن تعبر عن موقف شخصي بحت كما سارعت الإدارة الأمريكية إلى التوضيح درءا للحرج.
فقد تبين أن الدبلوماسي الأمريكي المتقاعد يعمل لشركة استشارات قانونية تدعى باتون بوغز، تقدم خدماتها للجيش وللحكومة المصريين، ما يعني أن من مصلحتها أن تظل دار لقمان على حالها في مصر.
ويتساءل الكاتب عن الدوافع التي أدت بالإدارة الأمريكية إلى تعيين هذا الرجل مبعوثا إلى رئيس دولة يدفع له بطريقة ما راتبه، ما يعني تضاربا صارخا للمصالح.
كما يتساءل عن نوع المشورة التي أسداها ويزنر للرئيس المصري، هل أشار عليه بالتشبث بالحكم حتى ولو لبضعة أشهر أخر؟
وقال نيكولاس نوي الباحث المقيم في بيروت والذي أمضى عدة أسابيع في استقصاء علاقات ويزنر بالشركة الاستشارات القانونية، للصحيفة: إن المعضلة الكبرى في إيفاد ويزنر إلى القاهرة بأمر من السيدة كلينتون، هو تضارب المصالح... ولكن الأكثر خطورة هي أن تكون الولايات المتحدة قد بدأت تنهج سياسة خصخصة أو تعاقد [مع شركات خاصة] لتدبير الأزمات. فهل تعاني الولايات المتحدة نقصا في الدبلوماسيين؟
وترى الإندبندنت في الافتتاحية التي خصصتها للموضوع أن هناك تفسيرين لما حدث: تفسير متسامح يقول بأن البيت الأبيض طلب من ويزنر القيام بهذه المهمة في عجلة من أمره ودون أن يخضع الدبلوماسي المتقاعد إلى التمحيص الضروري.
أما التفسير الثاني فأقل تسامحا ويشتبه في أن تكون الولايات المتحدة حريصة على الدفاع عن مصالحها في السر.
إن الثقة ضرورية -تقول الصحيفة- محذرة من عواقب الضغط على المعارضة المصرية حتى تقبل بمبارك آخر .
وتشير الصحيفة في هذا الصدد إلى الدعوة التي وجهها نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون إلى المعارضة المصرية من أجل التعامل مع نائب الرئيس المعين مؤخرا عمر سليمان الرئيس السابق لأجهزة المخابرات التي لا تتمتع بسمعة طيبة لدى المعنيين بالحريات المدنية والسياسية.
وتطالب الصحيفة البريطانية الإدارة الأمريكية في ضوء المعلومات الجديدة عن ويزنر بأن تتبرأ من مواقفه وبأن تعتذر عما بدر منها.
وإذا ما امتنعت عن ذلك فقد يستنتج الشعب المصري أن إدارة أوباما لاتقف إلى جانبهم على الرغم من الخطاب المعسول عن الحرية والديمقراطية .
وفي غمرة التطورات التي تعتمل على الساحة المصرية يلاحظ مراسلا الديلي تلجراف في القاهرة ريتشارد سبنسر، وأدريان بلومفيلد أن الانتفاضة في مصر أصابها بعض الوهن بعد انطلاق المفاوضات مع الحكومة واعتقال عدد من زعماء الحركة الاحتجاجية.
ويقول المراسلان إن الرئيس المحنك قد استعاد بعض زمام المبادرة خاصة بعد عودة الحياة في القاهرة إلى مجراها الطبيعي نسبيا.
وعلى الرغم من أن عشرات الآلاف لا يزالون معتصمين بميدان التحرير –يقول المراسلان- فقد عوين بعض التوتر بينهم وبين قوات الجيش التي كشفت بإجراءاتها الأمنية المشددة إلى أي جهة يميل ولاؤها .
وفي تلك الأثناء كان نائب الرئيس المعين مؤخرا عمر سليمان يعرض على المعارضة وفي مقدمتها جماعة الإخوان المسلمون حزمة من التنازلات المبهمة .
ويقول المراسلان إن الاتفاق على إنشاء لجنة لإصلاح الدستور سيتيح للرئيس مبارك هامشا للمناورة يعطي من خلاله الانطباع للرئيس باراك أوباما بأن انتقال السلطة عملية جارية.
وتنشر الجارديان تعليقا لجوزيف ستيغليتز على الثورة التونسية التي أطاحت بنظام الرئيس زين العابدين بن علي يرى فيها أن التونسيين انطلقوا انطلاقة جيدة وأن على المجتمع الدولي أن يساعد تونس على أن تصير منارة للديمقراطية في القرن الواحد والعشرين.
ويقول الكاتب -الذي فاز بجائزة نوبل للاقتصاد- إن تونس تعطي العالم دروسا من بين أهمها أن النمو الاقتصادي ليس كافيا لتفادي أسباب الاحتقان الاجتماعي، ولا استرضاء المؤسسات المالية الدولية، أوالأسواق المالية في العالم. بل حتى توفير التعليم الجيد قد لا يكون كافيا.
ويقول أستاذ الاقتصاد في جامعة كولمبيا الأمريكية إن معدلا مرتفعا للبطالة وتفشي الفساد وقود جيد. إن الدراسات الاقتصادية تشير إلى أن الأهم بالنسبة لأداء أي بلد هو حس من الإنصاف وتساوي الفرص .
ويضيف الكاتب قائلا إن الديمقراطية أكثر من إجراء انتخبات منتظمة حتى ولو كانت نزيهة. ويسوق مثالا على ذلك ما أدت إليه الديمقراطية في الولايات المتحدة من تباين أجتماعي صارخ تستحوذ فيه نسبة 1 في المئة من المواطنين على ربع الدخل القومي.