الرسول قبل البعثه
هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مره بن كعب بن لؤى بن غالب بن فهر وينتهى نسبه إلى إسماعيل عليه السلام , وأبوه عبد الله بن عبد المطلب أحد الذبيحين المذكورين في الحديث الشريف (أنا ابن الذبيحين) يعنى جده البعيد إسماعيل , حين أمر الله سبحانه وتعالى إبراهيم علية السلام بذبحه , والذبيح الثاني هو والدة عبد الله وذلك أن جده عبد المطلب حينما حفر زمزم واستخرج كنوز جرهم منها , نازعته قريش فيها ولم يكن له من أبناء ينصرونه ويؤازرونه , فنذر لله أن رزقه عشرة من الذكور ليتقربن إلى الإلهة بواحد منهم , ورزقه الله عشرة من الذكور فأقرع بينهم فخرجت القرعة على عبد الله فذهب به عبد المطلب ليوفى بندرة فمنعته قريش حتى لا تكون بمثابة سابقة يعتادها العرب بعده , فاحتكموا إلى عرافة فأفتت أن يفتدي عبد المطلب ابنه بعشرة من الإبل ويقارع بينها وبين عبد الله فإن خرجت على عبد الله زاد عشرة من الإبل , ومازال عبد المطلب يفعل ذلك حتى بلغ عدد الإبل مائه فخرجت القرعة على الإبل فذبحها عبد المطلب وافتدى عبد الله والد الرسول صلى الله عليه و سلم
ومما تجدر ملاحظة أن عبد الله لم يكن أصغر أولاد عبد المطلب , خلافا لما عليه المؤرخون, فالمعروف أن العباس عم الرسول صلى الله عليه و سلم كان أكبر منه بعامين ولما كان الفداء فى العام السابق لمولد الرسول صلى الله عليه و سلم يكون للعباس حينئذ من العمر عام واحد , أما عمه حمزة فكان في مثل عمرة فكيف يكون عبد الله أصغر من هؤلاء وهو أب لمحمد صلى الله عليه و سلم
تزوج عبد الله بامنة بنت وهب وهى من أشرف بيوت قريش, ولم يمضى على زواجهما إلا فترة بسيطة حتى خرج عبد الله بتجارة إلى الشام , ولكنه لم يعد إلى مكة حيث مرض في طريق عودته فذهبوا به إلى يثرب , فمات عند أخواله من بنى النجار ولم يمض على حمل زوجته أكثر من شهرين , وكأن الله أنجاه من الذبح لأداء مهمة معينة فلما انتهى منها قبضت روحه !! وقيل أن عبد الله توفي بعد مولد ابنة بعام وقيل بثمانية وعشرين شهرا والرأي الأول هو المشهور
وظلت آمنة تعيش في مكة في كفالة عبد المطلب وبما ترك لها زوجها عبد الله من ثروة تقدر بخمسة من الإبل وقطيعا والغنم وجارية وهى أم أيمن
بيـعة العقبـة الأولـى
ووسط هذه الغيوم الملبدة, و وسط هذا الظلام الحالك, لاحت بشائر الخير و لمعت خيوط فجر من بعيد اتية من جهة يثرب, و ذلك عندما عرض رسول الله صلى الله عليه و سلم نفسه على نفر من الخزرج فاستجابوا لدعوته
وكانت اليهود أحد الجماعات التى تسكن يثرب و هم أهل كتاب- فأشعلوا فى يثرب أن نبيا فى العرب سيبعث, و حان وقت ظهوره, و أنهم سيتبعونه و ينتصرون به على العرب(الأوس و الخزرج)فلما عرض رسول الله صلى الله عليه و سلم نفسه عليهم و كانوا ستة تذكروا مقالة اليهود لهم, فقالوا:و الله انه للنبى الذى توعدكم به اليهود فلا يسبقنكم إليه, فأجابوه إلى الإسلام, و واعدوه اللقاء العام القادم, و رجعوا الى قومهم يدعونهم إلى الإسلام فاتبعهم فريق منهم و سرعان ما انتشر الإسلام فى يثرب فلم تبق دار من دور الأنصار الا و فيها خبر عن الدعوة الإسلامية و رسولها
و فى موسم الحج التالى وفد على مكة اثنا عشر رجلا من مسلمى يثرب عشرة من الخزرج و اثنان من الأوس, تقابلوا مع رسول الله عند العقبة و بايعوه بيعة عرفت فى التاريخ الإسلامي ببيعة العقبة الألى أو الصغرى بايعوه على أن لا يشركوا بالله شيئا و لا يسرقوا, و لا يزنوا ولا يقتلوا أولادهم ولا يلأتوا ببهتان يفترونه بين أيدهم و أرجلهم و لا يعصوه فى معروف, فقال لهم الرسول:ان وفيتم فلكم الجنة, و ان نقضتم, فأمركم الى الله عز و جل ان شاء عذب و ان شاء غفر, و عرفت هذه البيعة ببيعة النساء لأنها على نفس الشروط التى بايعت النساء عليها رسول الله بعد فتح مكة
و أرسل الرسول صلى الله عليه و سلم معهم مصعب ابن عمير ليقرئهم القرآن و يعلمهم أمور دينهم, فكان أول سفير لرسول الله صلى الله عليه و سلم, و نجح مصعب فى نشر الدعوة الإسلامية و دخل أهل يثرب فى دين الله أفواجا, و لم يمر عام على مصعب بها, و لم يبق دار من دورها الا و فيها رجال مسلمون و نساء مسلمات, بل دخلت قبائل بأكملها رجالها و نسائها, صغارها و كبارها فى الإسلام دفعة واحدة